اهل الكهف كاملة من قصص القرآن الكريم

قصة أصحاب الكهف

 


كان الجنود قساة القلوب يدفعون امامهم مجموعة من المؤمنين الي حلبة المصارعة، ادخلوهم ثم اغلقوا عليهم الابواب الفولاذية، والملك دقيانوس المعروف بجبروته وظلمه الفادح يجلس في مصورته الخاصة سعيداً منتشياً ومن حوله بعض الوزراء والكبراء والابتسامة ترتسم علي وجوههم بينما جموع غفيرة من عامة الشعب يجلسون في مقاعدهم واعينهم تتطلع بشغف الي ساحة المصارعة .

اشار دقيانوس بيده لأعلي فانفتحت علي الفور ابواب حديدية خرج من ورائها مجموعة من الاسود الضخمة الضارية التي لم تذق الطعام منذ فترة، اطلقت زئيرها المفزع المروع ثم انطلقت جميعها نحو الاسري المؤمنين .. كان الملك الظالم دقيانوس تستهويه مثل هذه المناظر الوحشية، والجماهير الجالسة ترفع اذرعها وهي تصيح مهللة من فرط السعادة والاثارة، اما الضحايا فقد كانوا هم المؤمنين الذي لم يرتكبوا اثماً الا ان قالوا ربنا الله .

ظن دقيانوس الظالم انه قضى علي جميع الموحدين فكان يضحك كثيراً من قلبه لأن الجواسيس ينتشرون في انحاء دولته ليأتوا اليه بالاخبار، لكنه لم يكن يعرف ان هناك مؤمنين كانوا قريبين منه جداً، يحدثهم ويحدثونه يجلس معهم ويجلسون معه، يشاورهم في أمور الحكم ، كانوا يؤمنون بالله الخالق لكنهم كانوا يكتمون إسلامهم .

اليوم يوم عيد.. إنه عيد الإله الأكبر جوبيتر كبير الآلهة الناس ترتدي أجمل الملابس ويضعون أفخرالعطور ثم يذهبون إلى المعبد ليطوفوا بالألهة ويقدمون هداياهم إلى الإله الأعظم الذي يحتفلون اليوم بعيد ميلادها! الكبراء من السادة والوزراء يذهبون إلى قصر الملك دقيانوس لحضور الحفل الكبير، يأكلون من أطايب الطعام والشراب، يستمعون الى الموسيقى واللهو بينما دقيانوس يرتدي أفخر ملابسه، حلة مزدانة بخيوط الذهب، موشاة بالجواهر والياقوت، يجلس على سرير العرش، بجوار كبير الآلهة (جوبيتر) المصنوع من الذهب الخالص. وكان الأمراء والوزراء يتوافدون إلى القصر ثم يسجدون في تبتل وخشوع إلى الصنم الذهبي (جوبيتر) ويطلبون منه المغفرة، ثم يتجهون بالسجود إلى الملك دقيانوس وهم يقدمون له فروض الطاعة والولاء. لكن هناك ثلاثة من الأمراء الصغار لم يفعلوا ذلك. لاحظ دقيانوس عدم سجودهم، فسألهم : – لما لم تسجدوا ؟ قالوا في شجاعة: – لا نسجد إلا للإله الذي خلقنا. رفع دقیانوس حاجبيه دهشة، قال ” هل لكم من آله غيري ؟ قالوا : ربنا رب السموات والارض، لن ندعو من دونه إلهاً، لقد قلنا اذن شططا .

انضم الي صفوف الامراء ثلاثة آخرون فصاروا جميعاً ستة، رفضوا الامتثال لأوامر دقيانوس، ولم يعبأوا بتهديداته ووعيده، أمر دقيانوس بإيداعهم السجن وتعذيبهم حتى يعودوا إلى رشدهم ويحكموا عقولهم، وألا أنزل بهم من العذاب والهوان مالم يفعله أحد من قبل. ودخل الفتية السجن، وقد ارتاحت قلوبهم لما فعلوه أمام الملأ، قالوا: كيف نخرج من ديننا بعد أن هدانا الله وذقنا حلاوة الإيمان. سمعهم رئيس السجن المكلف بحراستهم، راح ينصت إلى كلامهم فأحس أن هؤلاء الفتية على الحق، ففك قيودهم وأطلق سراحهم بعد أن أعلن شهادة التوحيد قائلا بملء القلب؛ – لا إله إلا الله.

انطلق الفتية بسرعة الريح خارج أسوار المدينة، وصلوا إلى صديق لهم يعمل في رعي الغنم بقرية الرقيم التي تعانق الجبل الشامخ، كان مؤمنا بالله مثلهم، قال لهم؛ – ليس أمامنا إلا الجبل. قالوا جميعا «نعم»، فإن به کهفا سوف نختبئ بداخله.

صعد الفتية إلى الكهف، وصديقهم الراعي الطيب يتقدمهم وهو يتوكأ على عصاه، وكلبه الوفي مصر على ملازمتهم، فتركوه يصعد الجبل معهم .. ما إن دخل الفتية الكهف وجلسوا يتحدثون في أمر ملكهم الظالم والناس الذين يعبدون الأصنام، إذا بالنعاس يداعب أجفانهم.. لحظات قليلة وتمددت أجسادهم داخل الكهف. مضت الأيام والشهور.. والسنين، وهم نيام سنوات مرت وكلبهم باسط ذراعية أمام مدخل الكهف وقد غلبه النوم هو أيضا .. سنوات، وسنوات كثيرة تمر وهم لا يزالون نائمين، يتقلبون ذات الشمال وذات اليمين، وأعينهم مفتحة علي مصراعيها، من يراها يحسبهم ايقاظاً وهم رقود، فيمتلأ قلبه بالخوف والرعب . 

ثلاثمائة سنة وتسع سنوات هي المدة التي قضاها هؤلاء الفتية داخل الكهف، فلما قاموا من نومهم ظنوا انهم نامواً يوماً او بعض يوم، لم يهتموا فقد كانوا يشعرون بالجوع الشديد، قالوا : ابعثوا احدكم بورقكم هذه الي المدينة فلينظر ايها ازكي طعاماً فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً، قالوا ايضاً : إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم او يعيدوكم في ملتهم ولن تلفحوا اذن أبداً .

عاد صاحبهم يحمل اليهم اخبار غاية في العجب والدهشة، قالوا له : ما كل هذا التاخير يا اخي ؟ اين الطعام ؟ كدنا نهلك جوعاً، قال لها مبتسماً : الامر اعظم من ذلك، تبادلوا النظرات ثم قالوا : هل رآك احد جواسيس دقيانوس ؟ ابتسم قائلاً : دقيانوس مات منذ زمن بعيد جداً، وحكي لهم كل ما حدث له بالمدينة فقال لهم : ما كاد الناس يرون النقود معي حتي تمجعوا حولي قائلين : اين هذا الكنز الذي وقعت عليه، قلت لهم : انها نقودي وعليها صورة الملك دقيانوس، قالوا جميعاً ضاحكين : انت مجنون مؤكد انك مجنون، الملك دقيانوس مات منذ اكثر من ثلاثمائة سنة، ثم جاءت الشرطة وذهبوا بي الي الملك فإذا به رجل آخر غير دقيانوس، ملك مؤمن بالله، حكيت له القصة فقال : انتم الذين فررتم بدينكم من شر دقيانوس ؟ فقلت له نعم، ابتسم وقال : لقد قرأنا عنكم في الكتب ولا نزال نتحدث عنكم، لقد صدقني وهو الآن في الطريق الي هنا ومعه الحاشية يحملون الهدايا والاطعمة، تبادل الجميع النظرات هتفوا من اعمال قلوبهم : سبحان الله، إنه علي كل شئ قدير ثم ناموا مرة اخري وأماتهم الله سبحانه وتعالي .

 

0 comments:

Post a Comment