أسد الله حمزة بن عبد المطلب

أسد الله حمزة بن عبد المطلب الفارس الذي فرت منه الأسود وهربت من امامه الفرسان

 

 


هذا الفارس المقدام نزلت فيه آيات من القرآن، وشهدت ربوع مكة ووديانها جولاته في الصيد والقنص حتى غدا أعز فتى في قريش. وأكثر شبابها هيبة وأكثرهم حبا لأخيه وابن أخيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان سفيره الخاطب للسيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله « عنها من أبيها خويلد بن أسد.

وما لبث حمزة يفكر في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسلم وراح يسائل نفسه هل أسلمت عن اقتناع بدین محمد أم أنها العصبية لبني هاشم وأخذت الحيرة بمجامع قلبه فلم يجد ملاذا من حيرته إلا الله فخرج إلى الكعبة متضرعا مبتهلا أن يهديه الله إلى الحق، فاستجاب الله له وملأ قلبه يقينا وغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله إيمانه ويثبت قلبه على دينه .

وكان رد فعل إسلام هو العزة والمنعة للمسلمين الضعفاء فلقد كفت قريش أذاها عن المسلمين خشية بطش حمزة سيف الحق، ولم يعد حمزة يخرج للسيد وإنما انصرف الي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم في دار الأرقم بن ابي الارقم، يحفظ كل ما ينزل عليه من قرآن ويتعلم من رسول الله احكام الدين ولا تضيع منه شاردة حتي عشق الاسلام عشقاً حقيقياً .

وجاء الإذن الإلهي بالهجرة إلى المدينة المنورة فكان حمزة في مقدم المهاجرين إليها ونزل في بيت أسعد بن زرارة الأنصاري، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة رضي الله عنهما .

جهاد حمزة

ولم تكن الهجرة للمدينة فرارا بالدين وإنما كانت إعلاء له، لذا لم يعد المسلمون يستقرون بالمدينة حتى عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لحمزة بن عبدالمطلب. وأرسله إلى سيف البحر، من ناحية والعيص في ثلاثين مجاهدا من المهاجرين، فلقي أبا جهل. في ثلاثمائة راكب فبادرهم المسلمون بالقتال، لكن أبا جهل ورجاله انسحبوا ولم يواجهوا حمزة، أما قريش فقد جهزت جيشا قوامه نحو ألف مقاتل واتجهت إلى المدينة، وعسكرت عند «بدر» تريد النيل من المسلمين، وبدأت الحرب حيث تقدم | أشأمهم الأسود بن عبد الأسود المخزومي وصاح صيحته المعروفة والله لأشرين من حوضهم أو لأهد منه أو لأموتن دونه، فخرج إليه فارسنا حمزة وقتله، وبدأت الحرب تشتد، وقتل حمزة صناديد قريش الذين عادوا والحسرة تفتت قلوبهم والحقد يعمي قلوبهم، واتفقت كلمة قريش، على قتل حمزة، وقتل رسول الله الذي رمل نساءهم ويتم أولادهم ووكلوا ووحشي، عبد جبیر بن مطعم، وكان من أمهر رماة قريش، حيث كان يرمي أمهر رمية بحربته فيصيب هدفه بدقه وكلته قريش لقتل حمزة وقال له جبير بن مطعم اخرج مع الناس وإن قتلت حمزة فانت حر كما وعدته ايضاً هند زوجة ابي سفيان بذهبها ومالها إن هو قتل حمزة .. وجاءت موقعة أحد والتقي الجمعان وقاتل حمزة قتال الابطال حتي قيل أنه قتل وحده اربعة عشر رجلاً ثم كان الغدر حيث كمن له وحشي خلف صخرة من دون أن يراه حمزة، وقتله بندالة، ولم تكتف هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بقتل حمزة، فشقت بطنه الشريفة وأخرجت كبده، وقضمت منه قطعة ومضغتها تريد أكلها، لكنها لم تستطع بلعها .

هكذا كانت وحشية الكفار وشراستهم القبيحة، ووقف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على قبر حمزة فقال: رحمة الله عليك إنك كنت كما علمت وصولا للرحم فقالا للخيرات، ولو حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أجواف شتى أما والله لئن أظفرني الله تعالى بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك، وقال المسلمون لئن أظفرنا الله عليهم لنزيدن على صنيعهم ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، ولنفعلن ولنفعلن فأنزل الله عز وجل قوله: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) النحل: ۱۲۹. ۱۲۸ صدق الله العظيم

هكذا كان أسد الله، وبطولاته العظيمة، ووقوفه إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم في شتى المعارك الحربية إلى أن اختاره الله عز وجل ليكون المثل الأعلى للفداء، والصورة الرائعة للكفاح وإعلاء شأن المسلمين .






 

0 comments:

Post a Comment