المدينة المقدسة واصحاب الفيل
كانت مدينة مكة تحظي بمكانة رفيعة في نفوس العرب منذ قديم الزمان وسالف
العصر والأوان، وقد شيد الكعبة فيها سيدنا ابراهيم أبو الأنبياء وولده
اسماعيل ليلتقي حولها الحجاج في كل عام وكان أبرهة الأشرم ، ملك الحبشة قد
أغار على بلاد اليمن وملكها ، وضمها الى بلاده وأقام فيها بيتا للعبادة جلب
له فاخر الأتات والزينة والزخرفة ليصرف أهل اليمن عن الذهاب الى مكة و
الطواف حول الكعبة و البيت العتيق ولما لم ينجح ، أبرهة في منع الحجاج عن
الذهاب الى مكة في كل سنة ، عزم على الذهاب اليها ومعه جيش كبير ليهدم
الكعبة حتى لا يجد الحجاج سبيلاً للذهاب اليها بعد ذلك .
وصل جيش أبرهة الى مدينة الطائف ، ووجد فيها بيتا للعبادة ظنه الكعبة ،
ولكن اشراف المدينة أفهموه ان مدينتهم ليست هي التي يقصدها ، وان بیت
العبادة الذي راد ليس هو الكعبة ، و أرسلوا معه من يذهب به الى مكة حيث
تقوم فيها الكعبة التي يريد هدمها . وحينما بلغ أبرهة وجيشه مدينة مكة
استولى على ما وجده من الابل والأغنام التي كانت ترعى في خارجها ومن بينها
مائة بعير العبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد صلوات الله عليه ، وكان ذلك
قبل میلاد النبي صلى الله عليه وسلم .
انزعج أهل مكة ، وعزمت قبائل قريش على أن تخرج الى أبرهة وتقاتل جيشه
حتی تخرجه من بلادها وتبعده عن مدينتهم المقدسة وكعبتهم التي يعتزون بها
غایة الاعتزاز لكن أشراف قريش أدركوا أنهم لا قدرة لهم على محاربة جيش
أبرهة و أخذوا يتشاورون فيما بينهم كما يجب أن يفعلوه ، وفي أثناء ذلك ،
جاء رسول من عند أبرهة يريد أن يقابل السيد مكة ، فذهبوا به الي عبد المطلب
حيث أبلغه أن ملك الحبشة لم يات الى مكة لمحاربة أهلها ، وانما جاء ليهدم
الكعبة دون إراقة أية نقطة من الدماء .
وقال عبد المطلب لرسول ملك الحبشة ان العرب أيضا لايريدون الحرب ، ولا
يرضون بهدم الكعبة ، وطلب من الرسول أن يذهب معه ليقابل ملك الحبشة .. وذهب
عبد المطلب ومعه عدد من أبنائه وبعض كبراء مكة حتى بلغوا معسكر جيش الحبشة
، وكانت دهشتهم كبيرة حين رأوا أعدادا كبيرة من الفيلة الضخمة الأجسام
تحيط بالمعسكر الكبير .
أكرم أبرهة عبد المطلب ومن معه ، ورد له كل ما استولى عليه من الإبل
والأغنام ، عندها طلب عبد المطلب من أبرهة أن يعود الى بلده ولا يفكر في
هدم كعبة العرب المقدسة . لكن أبرهة ملك الحبشة رفض أن يخرج من مكة قبل أن
يهدد كمية العرب و عاد عبد المطلب الى أهل مكة ، فنصح الناس أن يخرجوا منها
الى شعاب الجبل حتى لا يد همهم أبرهة وجيشه حين يدخلون البلد الحرام لهدم
البيت العتيق وتحرك أبرهة وجيشة يقصدون الكعبة لهدمها ، وقبل أن يصلوا الى
عتباتها .
ارسل الله تعالي طيراً مع كل طائر منها ثلاثة احجار صغيرة امثال الحمص
والعدس لا يصيب منهم أحدا إلا هلك وكان وباء الجدري قد تفشى في الجيش وبدا
يفتك برجاله فتكا ذریعا ، و أخذوا يتساقطون كما تتساقط أوراق الشجر الجافة
وهرب من جيش أبرهة من استطاع أن يهرب حيث ماتوا في طريق عودتهم الى بلدهم
وما أن وصل أبرهة الى مدينة صنعاء باليمن ، حتى انتقلت عدوى المرض إليه ولم
يلبث الا يوما أو بعض يوم حتى مات بدوره ولحق بمن مات من رجال جيشه وسلمت
المدينة المقدسة . وسلم بينها العتيق من شر أبرهة ،، وسلمت كعبتها المكرمة …
وسلم أهل مكة من شرور تلك الغزوة الحمقاء وذكر الله العلي القدير تلك
الحادثة في قرانه بعد ظهور الإسلام العظيم
قال تعالي : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ
طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) سورة الفيل .
0 comments:
Post a Comment