الحمار الراقص
لكل واحد من الناس، صنعته التي يعرفها، فالفلاح يعرف كيف يزرع أرضه
ويسقيها والجندي يعرف كيف يحمل السلاح ويدافع عن وطنه، وكذلك الطبيب
والمحامي والمهندس فلكل إنسان صنعته التي يعرفها، وقد صدق رسول الله صلى
الله عليه وسلم حيث قال: (رحم الله امرؤ عرف قدر نفسه). ولكن الحمار غاضب
على مهنته، ولا يريد أن يحمل الأحمال، ويشد الساقية، لتدر لنا الماء الوفير
رغم أنه يعيش في الاصطبل، ويعلف بالكثير من الشعير والذرة…. فلماذا يرفض
الحمار عمله.
عاد الحمار من الحقل إلى البيت، وهو في طريقه إلى الأصطبل، وجد الحمار
صاحبه ذلك الرجل السمين، يداعب كلبه ذا الشعر الجميل، ويسامره، ويقذف إليه
بقطع اللحم والحلوى والكلب يتراقص أمام صاحبه… غضب الحمار غضبا شديدا وقال:
– – كيف يداعب صاحبي کلبه وينساني، وأنا أحمل له الأحمال الثقيلة….؟ فكر
الحمار وفكر وهو ينظر إلى الكلب، فوجد الكلب يرقص أمام صاحبه، ويهز له
ذيله، والأولاد يضحكون من أفعال الكلب، فقال الحمار: لماذا لا ارقص مثل
الكلب .. ؟!
وبات الحمار في اصطبله وهو يفكر، إذا أنا فعلت مثل الكلب ورقصت، فلسوف
يعطيني صاحب الدار شعيرا كثيرا وذرة، ويكون سعيدا بي، ولن أحمل بعد اليوم
الأحمال الثقيلة، وأظل معهم أسامرهم وأضحكهم، برقصاتي، فأنا أقوى من الكلب،
وبقدرتي الرقص أفضل منه… وحين أقبل الصبح، ظل الحمار يشد في حبله، ويشد،
حتی انقطع الحبل فخرج الحمار من الاصطبل فرحة ودخل إلى بيت صاحبه، وهو يرفس
ويرقص، ثم جرى الحمار نحو صاحبه محاولا أن يثب فوق كتفيه، كما يفعل الكلب،
وصاحب الدار يجري، وأولاده يجرون خوفا وفزع من الحمار، والحمار يجري خلفي
الأطفال وهو يرفس، وينهق، وينطح برأسه، فكسر المنضدة، كما أوقع كتب الأطفال
على الأرض، فتمزقت أوراقها، وصاحب الدار يجري وهو خائف، والحمار يرفس
فتهوى الأطباق على الأرض متكسرة، حتى سمع الجيران هذه الأصوات، فجروا إلى
جارهم، لانقاذه من الحمار، فتقدم أحد الجيران وفي يده حبل، قید الحمار من
رقبته، وسحبه إلى الأصطبل وصاحبه يكيل له ضربة ولكما والأطفال يضربون
الحمار على تمزيقه كتبهم، ويزيدون له الصفعات فوق وجهه، حتي وصل الحمار الي
الاصطبل وهو يكاد أن يسقط علي الارض من شدة الضرب وقال : لقد اوقعت نفسي
في هلاكي، فلماذا لا اقنع بعملي في الحقل وشد الساقيه واظل معهم طيبا، اقوم
بعملي كما يقوم الكلب بعمله ثم بكي الحمار من شدة الندم والضرب .
0 comments:
Post a Comment