عروة بن الزبير بن العوام ..من رجال الآخرة

من رجال الآخرة عروة بن الزبير بن العوام

 

 

نشأ وترعرع في أسرة كريمة فأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق و أبوه الزبير بن العوام وهو من العشرة المبشرين بالجنة، تربي على طاعة الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وكان منذ نعومة أظفاره يحب العلم ويتمناه ويسعى إليه، وذات يوم اجتمع في الحجر مصعب بن الزبير وعروة بن الزبير وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر فقالوا: تمنوا، فتمنى عبد الله بن الزبير الخلافة وتمني مصعب امرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين وتمنى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المغفرة أما عروة فقال : أتمنى أن يؤخذ علي العلم وقد استجاب ابله لتمنياتهم وأصبح الناس يتجمعون على حديث عروة بن الزبير. وكان له من الأبناء أربعة یحیی وعثمان وهشام ومحمد وكان ينصحهم باستمرار ويقول لهم يابني لا يهدين أحدكم الى ربه عز وجل ما يستحي أن يهديه الى كريمة فان الله عز وجل أكرم الكرماء و أحق من اختير إليه، وكان دائما يحثهم علي العلم ويبين لهم فضله ويقول لهم بابني تعلموا أن تكونوا صغراء قوم عسى أن تكونوا كبراءهم و اسوأتاه ماذا أقبح من شيخ جاهل؟!

وعرف عروة بكرمه الشديد فإذا كان أيام الرطب يثلم حنيطه ثم يأذن للناس فيه فيدخلون ويأكلون ويحملون، وكان ينزل حوله ناس من أصل البدو فيدخلون ويأكلون ويحملون وكان كلما دخل بستانه ردد هذه الآية: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله الاقوة الا بالله ) حتی بخرج من الحائط وكان إذا امتحن صبر وتجلد وحمد الله كثيرا فذات يوم قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد فدخل محمد دار الدواب فضربته دابة فخز میتا ووقعت في رجل عروة الأكلة، فقال له الوليد اقطعها والا أفسدت عليك جسدك، فقطعت بالمنشار – وهو شيخ كبير – فلم يمسكه أحد وكان يومها صائما فما تضور وجهه ولاتحب. وعندما سمع بمقتل ولده قال : اللهم كان في أطراف أربعة فأخذت واحدا وابقيت ثلاثة فلك الحمد، وكان في بنون أربعة فأخذت واحدا و أبقيت ثلاثة فلك الحمد وأيم والله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن أبلیت طالما عافیت.
وكان من عادته أن يقرأ كل يوم ورده ربع القرآن ويقوم به ليله وروي عروه بن الزبير من المسانيد عن كبار الصحابة وجمهورهم رجالاً ومساء ما لا يحصي  .. ذلك عروة بن الزبير المجتهد المتعبد الصوام المعطي ما تمني، مكن من الطاعة فاتكسب وامتحن بالمحنة فاحتسب، وتوفي وهو ابن سبع وستين سنة رحمه الله رحمة واسعة .

بقلم : نازك الطنطاوي



0 comments:

Post a Comment