أحسن إلي من أساء إليك قصة رائعة ومعبرة جداً
الرجل الغريب
فتح غني باپ داره ليلقي وجه رجل غريب، سأله الرجل بأدب معروفا، وبدا
ثوبه رثا ومثقبة، رق قلب الغني له لكنه ارتاب منه، فأدار ظهره وسأله عن
مطلبة. قال: إني فقير معدم، ومنك يرجی الكرم قال الغني: من أين أتيت؟ وهل
أنت فقير حقا لا يبدو عليك الفقر. قال الفقير: أتيت من بلد بعيد، ربما لا
تعرفه، بيننا وبينه مسافات، فررت من ظلمي لنفسي لكن الله عاقبني … وندمت حق
التدامة، وهل بعد ما أنا فيه من ملامة. وتابع يقول: كنت رجلا غنية، ولا
أحفل بالفقير، ولا أرق ليتيم أو معسر، بل كان همي جمع المال، من كل مكان
وبأي وسيلة ولو ترتب على ذلك ظلم أو أذية.
طاطا الرجل رأسه خجلا وقال: وفي يوم وضعت في مخزني مالا وفيرة وأشياء
غالية الثمن، فأراد الله معاقبتني واحترق كل ما أملك ولم يبق الا الرماد،
فبعت الأرض والذهب لأسدد بعض ديوني فلم تف بنصف ما أنا مطالب به فخرجت
هائمة على وجهي هاربة من ظلمي النفسي أدعو الله أن يغفر لي ويسامحني على
إساءاتي .. انصت الغني لكل الكلام… وأمسك دمعة كادت تسقط من عينيه ثم قال
بعد هنيهة!: هذه أموالي فخذ منها ما تشاء.
ظن الفقير أن الغني يستهزئ به، وأخذ منه صرة كبيرة، اعتقد أنها تحوي على
بعض الطعام، وكانت مليئة بالمال والذهب وقال له: هيا اذهب من هنا وابدأ
حياتك من جديد .
اقترب ابن الغني وقد سمع الحوار فقال الأب: لا تستغرب يا بني، أتذكر
آثار الأسواط على ظهري إنها من أعمال هذا الرجل، فقد كنت أعمل عنده جمالا
وهربت منه لكثرة ظلمه وسقطت دمعة حارة من عين الأب ثم تابع يقول لقد أوقعه
الله بين يدي، وكنت في الماضي مصرة على رد إساءاته، أما الآن وبعد أن
رأيته، عفوت عن ظلمه وأعطيته ما رأيت ولم أذكره بنفسي.
ومضى الابن فخورا بابيه لأنه كان يعرف مقدار معاناة الأب مع سيده قديمة،
ولكنه أبى أن يرد الإساءة بالإساءة والظلم بالظلم… بل كان حقا مثال العفو
عند المقدرة .
0 comments:
Post a Comment